مستجدات الدستور المغربي الجديد 2011

المبحث الأول : مستجدات الدستور الجديد 2011

شكل الخطاب الملكي ل 09 مارس 2011 حدثا سياسيا كبيرا في الساحة السياسية ومنعطفا تاريخيا في مجال الديمقراطية وانخراطا جريئا في مسلسل الإصلاح السياسي والمؤسساتي في المغرب حيث رسم الملك من خلال خطابه خارطة طريق جديدة لطريقة الاشتغال السياسي للنظام السياسي المغربي. 
الخطاب كان دعوة للإصلاح والدخول في مرحلة جديدة أكثر حداثة وديمقراطية. 
تماشيا مع هذا الخطاب التاريخي، كشفت الأحزاب السياسية والنقابات والفعاليات الجمعوية والشبابية عن مذكراتها المرفوعة إلى اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور، من خلال تقديم مقترحاتها حول الإصلاحات الدستورية والسياسية التي جاء بها الدستور الجديد. 

المطلب الأول : مستجدات دستور 2011 على مستوى السلطة التنفيذية ، التشريعية و القضائية

الفقرة الأولى : على مستوى السلطة التنفيذية 

يقوم النظام السياسي المغربي على ازدواجية السلطة التنفيذية، بوجود الوزير الأول إلى جانب رئيس الدولة، الشيء الذي ساهم في إضعاف الحكومة ومؤسسة الوزير الأول. لتجاوز هذا الوضع جاء الدستور الجديد بمايلي : 

حكومة منبثقة من البرلمان المنتخب تحت قيادة رئيس للحكومة يمارس سلطة تنفيذية فعلية هذا الأخير يعينه الملك من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وتنصيبه من لدن الأغلبية المطلقة لمجلس النواب،وهو مسؤول أمام هذا المجلس، كما تم تبديل تسمية الوزير الأول برئيس الحكومة، حيث أصبح قائدا حقيقيا وموجها للفريق الحكومي, مع وضع الإدارة رهن تصرفه وممارسته لسلطة تنفيذية حقيقية ولصلاحيات واسعة في مجال التعيين في الوظائف المدنية،ودسترة مجلس الحكومة وتوضيح اختصاصاته. 
الفقرة  الثانية : على مستوى السلطة التشريعية 
تماشيا مع المحددات السبع الواردة في الخطاب الملكي، وخاصة المحدد الرابع الذي عبر فيه جلالة الملك عن توطيد مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها ودمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلتنها، من خلال برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة يتبوأ فيه مجلس النواب مكانة الصدارة مع توسيع مجال القانون وتخويله اختصاصات جديدة كفيلة بنهوضه بمهامه التمثيلية والتشريعية والرقابية. 
جاء الدستور الجديد، بالتنصيص على ضرورة ربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة و المحاسبة ،ونص على أن البرلمان هو وحده المختص بتشريع القانون ويراقب الحكومة ويتولى تقييم السياسات العمومية بنظام ثنائية برلمانية يخول مكانة الصدارة لمجلس النواب،الذي له وحده أن يضع مسؤولية الحكومة على المحك وغرفة ثانية ذات عدد مقلص وذات طابع ترابي مع تمثيلية نقابية ومهنية،وتوسيع مجال القانون ليرتفع عدد مواده من 30 إلى 60 مادة من بينها 26 قانون تنظيمي،وتوفير آليات ناجعة للمراقبة البرلمانية مع إضفاء طابع المرونة على شروط النصاب الضرورية لملتمس الرقابة وتشكيل لجن تقصي الحقائق والإحالة على المحكمة الدستورية وطلب عقد الدورات الاستثنائية. 

الفقرة  الثالثة : على مستوى السلطة القضائية 

تم الارتقاء بالقضاء إلى سلطة قضائية،التنصيص على دسترة ضمانات أساسية لاستقلالية القضاء بسن نظام أساسي خاص مدعم بموجب قانون تنظيمي، ومنع كل تدخل غير مشروع في عمل القضاة الذين يجب أن لا يخضعوا إلى أية أوامر أو تعليمات، إحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي يرأسه الملك ويتولى السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، كما تعود الرئاسة المنتدبة للمجلس للرئيس الأول لمحكمة النقض، عوض وزير العدل، وتدعيم تمثيلية النساء القاضيات،كما انفتح المجلس من حيث تركيبته على شخصيات من خارج العالم القضائي مشهود لها بالدفاع عن استقلال القضاء،كما تم التنصيص على إحداث محكمة دستورية تسهر على احترام سمو الدستور. 

المطلب الثاني : مستجدات دستور 2011 على مستوى دور المؤسسة الملكية ، الحقوق و الحريات الأساسية ، إحداث ودسترة المؤسسات  و الاهتمام أكثر بقضايا اللغة والهوية 

الفقرة الأولى : على مستوى دور المؤسسة الملكية 
الملكية المغربية نظام قديم متأصل متميز، وقد حدد الدستور المغربي دورها وجعلها ملكية تسود و تحكم، يعتبر الفصل 19 من الدستور المغربي لسنة 1996 من ابرز وأكثر الفصول إثارة للجدل. 
وبالرجوع إلى مضامين الخطاب الملكي ل 09 مارس، نجد جلالة الملك يشدد على قدسية الثوابت وعددها كالتالي:"الإسلام دين الدولة الضامن لحرية ممارسة الشعائر الدينية، وإمارة المؤمنين والنظام الملكي والوحدة الوطنية والترابية و الخيار الديمقراطي، الضامن القوي والأساس المتين لتوافق تاريخي، يشكل ميثاقا جديدا بين العرش والشعب". 
إن القراءة المتمعنة لمذكرات الأحزاب السياسية، تظهر جليا أن الأحزاب المغربية قد تشبثت بالملكية، ولكن اختلفت في تصوراتها لسلطات الملك وتفادت جلها الخوض في الفصل 19 و التداول في إمارة المؤمنين،إذ حصل شبه إجماع على أن هذا الفصل لا يطرح مشكلا وأكدت غالبية الأحزاب أهمية إمارة المؤمنين لبلد كالمغرب. 
وفي هذا الصدد، جاء الدستور الجديد بتقسيم الفصل 19 إلى قسمين: يهم الأول تنظيم حقل إمارة المؤمنين، إذ لا يطرأ على هذا الاختصاص أي تعديل، لأنه يختص بتدبير الحقل الديني و يضم القسم الثاني، صلاحيات الملك كرئيس للدولة وممثلها الأسمى رمز الوحدة الوطنية و الترابية، والتحكيم الأعلى وضمان الاختيار الديمقراطي والمصالح الأساسية للبلاد. 
كما تم حذف كل إشارة إلى قداسة شخص الملك ،وتعويض ذلك بان الملك لا تنتهك حرمته،وله واجب التوقير والاحترام. 

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.